10.4.06

مشهدين بلا علاقة حقيقية بينهما

من اجمل ما احبه في العمل يوم الاجازة , اني باوصل الشغل في 20 دقيقة بالظبط , و اكثر ما يضايقني (بالاضافة لاضطراري النزول يوم اجازة) اني بتاكد اني باضيع وقت طويل جدا كل يوم , حين يستغرق نفس الطريق ساعة او اكثر

مشهدين رايتهما اليوم واحد في الطريق و الآخر في الشغل , و رغم عدم وجود اي رابطة بينهما الا انني لسبب لا اعرفه اشعر انهما مرتبطين جدا

المشهد الأول : تحت كوبري السيدة عائشة , سيارة نصف نقل بأرقام محافظة القاهرة و عليها مجموعة كراسي بلاستيك , و ثلاجة مشروبات و ادوات شاي و قهوة , و مجموعة افراد يرفعون اشياء اخرى و يلقونها باهمال فوق السيارة و بينهم ضابط برتبة ملازم اول واضعا يديه في جيبه و ينظر اليهم ببرود , و رجل واقف على جانب الطريق ينظر بحسرة الى السيارة النصف نقل , ثم ينظر الى السيارات المارة في الطريق و يطلق على سائقيها اسوأ الفاظ السباب ربما لشعوره بالقهر , و غالبا لانه لا يستطيع توجيه غضبه الى مصدره الاصلي

في المسافة الباقية حتى وصولي للعمل اخذت افكر فيما سيفعل هذا الرجل؟؟ هل سيشتري ادوات اخرى؟؟ هل سيجد عملا آخر؟؟ ام هل سيلجأ لوسيلة غير مشروعة ؟؟ ماهو اكيد لازم يعيش و ربما كان لديه من يحتاج عليه

و صلت و انشغلت تماما حتى نسيت الرجل
جاءتني امرأة بسيطة تحمل على كتفها رضيعا , و على وجهها ابلغ آيات الفزع و اللهفة
اشفقت عليها جدا , و فحصت الطفل
كان مصابا بجرح في مؤخرة رأسه , لم تكن الاصابة خطيرة , لكن ما زادها سوءا هو انها في جزء مصاب بحروق لم تشف بعد

لا احب الحكم على اي مريض او اقاربه , لكن رغما عني تحولت شفقتي عليها الى غيظ منها
طفل في شهوره الاولى يحدث له حادثي حرق و جرح , و في راسه , اجد نفسي بلا وعي اجرم والديه

بعد ان انتهينا , قلت لها بصورة تبدو مازحة : بس انت شكلك مش واخدة بالك منه , يعني يتحرق و يتعور في راسه في نفس الاسبوع؟؟اجابت انها في المرتين كانت مشغولة و تركته مع والده , فحدثت له الحادثتين

بعد مغادرتها فكرت في معلومة سمعتها ان القانون المصري يعتبر اصابات الاطفال مسئولية الوالدين , و يعتبرها مخالفة (ماعرفش الوضع القانوني ايه بالظبط) و فكرت خاصة انها ليست المرة الاولى التي تاتي الينا حالات مماثلة , اذا كان من المفترض عند تكرار الحوادث الابلاغ عنها؟؟
بس رجعت قلت هانبلغ مين؟؟ الباشا اللي كان حاطط ايده في جيبه و بيتفرج ببرود على الناس الحزينة على مصدر دخلها اللي راح

6 Comments:

At 1:45 AM, Blogger bluerose said...

This comment has been removed by a blog administrator.

 
At 10:03 AM, Blogger radwa osama said...

بلو روز الجميله /الراجل غالبا هيروح القسم وياخد حاجته بس بعد ما يدفع المعلوم ..يبهرني اندهاشك من اشياء تبدو واقعا سخيفا

 
At 1:42 PM, Anonymous Anonymous said...

طبيبة يا روز؟

ربما ينجح هذا في تفسير أنفاسك الصاعدة من كلماتك في هذه التدوينة وما سبقها.
مشهد البلدية وهي تجوب شوارع العتبة بجوار متجري في الأزهر مشهد لم يفارق عيني منذ أول مرة اصطحبني فيها والدي - يرحمه الله - لأقضي معه يوما في المحل.. المشهد لم يفارق عيني لا لأنه يأتي من الذاكرة ولكن لأنه يتكرر يوميا أكثر من مرة في الأزهر والموسكي وعبد العزيز وشارع الجوهري والرويعي وشارع بورسعيد ... والله أذكر في مرة أنه كان هناك اطلاق أعيرة نارية لارهاب باعة الأرصفة .. ومرة كنت في العاشرة من عمري فرأيت بائعا ضخم الجثة يتلقي كف الظبط علي خده الأيمن وهو يقول "احنا متأسفين يا باشا مش هاقف هنا تاني" وغيره الكثيرون ....طيب الباعة دول يعملوا ايه عشان يعيشوا؟؟

 
At 1:44 PM, Anonymous Anonymous said...

عفوا ... كف الظابط

 
At 10:39 PM, Blogger bluerose said...

رضوى
الفكرة اني فعلا حسيت بحسرة الراجل في نظرته لحاجاته على العربية , و في شتيمته للعربيات
و الاهم انه تحت الكوبري ,يعني فعليا مش بيمثل اي اشغال لاي طريق
غير ان شكل حاجاته يوحي ان مسكبه لا يسمح بالمعلوم



مختار
اهم سؤال هو دا : يهملوا ايه عشان يعيشوا؟؟؟
شغلهم الحالي حتى لو مخالف , اكثر امانا ليس لهم فقط بل للمجتمع كله

 
At 5:32 PM, Blogger قبل الطوفان said...

في معركة الفشل التي آذت عينيك وأوجعت قلبك: كل طرف يتحمل المسؤولية.. من الضابط الفظ الذي يصادر أدوات وسلع الباعة الجائلين لكنه في النهاية مجرد عبد المأمور الذي ينفذ الأوامر.. والبائع الجائع -أحيانا- الذي يفترش الطريق عشوائيا بحثا عن لقمة العيش لكنه معذور في وطن تخنقه الأزمة الاقتصادية.. والسيدة التي أهملت ابنها فأصيب بحروق وجروح في الرأس مرتين في أسبوع واحد مع أنه لا أحد يدري إن كانت تعمل بحثا عما يسد رمق أبنائها..
فقط متهم وحيد يقف بلا دفاع: ذلك الذي يسكن القصور ويدرب أذنيه وعقله عل عدم سماع الحديث النبوي الشريف :"كلكم راع وكلكم مسؤول عغن رعيته"
فلا نامت أعين الجبناء.. من الرعاة المقصرين

 

Post a Comment

<< Home