28.4.06

حالة مستعصية على الفهم

جاء لعيادة امراض عصبية في مستشفى جامعي يشكو تشنجات
سمير .. طالب جامعة .. كان من المفترض ان يكون قد تخرج من سنين .. لكنه مازال طالب


قال ان التشنجات بدات بعد حادث , اصيب فيه في راسه
الحادث طلع ضرب على رأسه لما كان معتقل من 5 سنوات


بعد كتابة تقرير رسم المخ , ناداه الطبيب الذي يصرخ عادة في المرضى مشمئزا منهم (بدلا من تسليم التقرير للممرضة ليتسلمه المريض كما هو معتاد) لأفاجأ به يسأله بهدوء غير معتاد منه

-عارف رسم المخ دا برة يكلفك كام؟؟؟
-........
-مش اقل من 120 جنيه

حتى هنا لم افهم سببا لهذا الحوار

-بس احنا هنا عملناهولك ببلاش "لله"عشان خاطرك بس

بصراحة ذهلت
لله!!!!
من امتى الرعاية الصحية في المستشفى الحكومي تعتبر خدمة يقدمها الاطباء و كمان بيقول لوجه الله


نظرت لسمير و كلي امل انه يصدمني و يرد بان العلاج حقه و ان ماحدش بيتصدق عليه

مع الاسف ماصدمنيش و رد الرد اللي كنت متوقعاه بالظبط

-ربنا يخليك لينا يا باشا



يااااه يا سمير , كان نفسي بجد تقول له دا حقي
كان نفسي تقول له المادة 16 من الدستور بتقول دا حقي
كان نفسي تقول له انت هنا عشان تديني حقي
كان نفسي تصدمني و تقول : حقي


نفسي الاقي مبرر واحد يخلي المصري متنازل دائما عن حقه , و لو اخده يعتبره صدقة يدعي لصاحبها

منير




في المرات التي ربما تجاوزت الالف التي تحدثت فيها عن المعتقلين..
هذه هي المرة الاولى التي يكون فيها المعتقل من اصدقائي المقربين
اذهلني ان الامر اختلف تماما حين تحول المعتقلين من اسماء كنت اظن انني متعاطفة جدا معهم الى صديق من لحم و دم

لقيت بجد ماعنديش حاجة اقولها

بعد يومين لم اعرف فيهما شيئا عن منير (او مالك ) اتساءل عن احساس امهات و آباء و اخوة و اصدقاء معتقلين لا يعرفون عنهم شيئا ربما لسنوات

بجد يا منير مش لاقية حاجة اكتبها عنك و الاسوأ اني مش عارفة اعمل ايه عشانك

صديقي العزيز , اعتقالك كشف لي انك فعلا تعني لي الكثير , يمكن لما قلت عني اني اختك الكبيرة كنت بتهزر , بس بجد دلوقتي اكتشفت ان اخويا الصغير بكل جنانه و طيبته هو المعتقل
طلعت غالي عندي بجد يا منير

مش عارفة اقول اي يا منير , و حاسة اني سلبية جدا



لما تخرج يا منير ان شاء الله و تقرا التدوينة , سامحني لاني ماعملتلكش حاجة اكثر من دعاءي و البانر , بجد كان نفسي اعمل لك حاجة

26.4.06

انهاء الاعتصام

تم من ساعات انهاء الاعتصام و القبض على 35 من المعتصمين
اللي اعرفه فقط ان مالك غالبا بين المعتقلين و ماعرفش مين تاني

18.4.06

تنظيم السرايا الصفراء طلع بجد

كنت اعتقد ان تنظيم السرايا الصفراء الذي تحدث عنه رامي هو تنظيم محدود , يظهر فقط عند الحاجة

لكن خبر القبض على المختلين عقليا دليل على انه تنظيم حقيقي و ان الأمان سيعود الى بلدنا المحروسة بعد القبض على جميع المختلين الذين هم مرتكبي جميع الجرائم , الحل فعلا بسيط , اعتقال كل المختلين و لن يكون هناك جريمة

اهكذا ستنتهي المأساة؟؟؟ اعلان المجرم مختل و خبرين خائبين عن مختل مسلم يقتحم مسجد , و مختل مسيحي يقتحم كنيسة , كمحاولة لأظهار الأمر لا علاقة له بكون القاتل مسلم و القتيل مسيحي , فالمختلون لا يفرقون
و ربما بعد ذلك يظهر بعض المسلمين و المسيحيين في صور تذكارية يسلمون على بعض و يضحكون و عنوان الصور "لا شيء يؤثر على الوحدة الوطنية " و خلصت الحكاية

بدات بالفعل افقد الأمل في حل مشكلة الطائفية المتزايدة يوما بعد يوم , كيف تحل اذا كانت الأغلبية لا تريد الحل , و الباقين ينكرون وجودها من الأساس , و قد كنت حتى وقت قريب ممن لا يعترفون بوجودها على الأقل بشكلها الذي اتضح انه ليس بقليل

كيف ستحل و كل طرف يلقي بتبعتها على الطرف الآخر , و يبرر لنفسه كل ما يفعل

في الحادثة الأخيرة لم اتصور ان هناك من سيبرر ما حدث , لانه فعلا بلا مبرر
لكن التبريرات خرجت بالفعل تقسم انه لا يوجد حل , و خرجت من الأرشيف قصص المسرحية و وفاء قسطنطين , و قصص لا اعرف ما علاقة المسيحيين المصريين بها مثل الرسوم المسيئة و كمان آلاف المعتقلين الأسلاميين في السجون المصرية !!!!!! و تهريج آخر مثل اعلان يوم 7 يناير اجازة رسمية!!!!!!!!

كله تهريج , دليل على انه حتى لو لم يوجد سبب مباشر (سواء منطقي ام لا) فهناك من سيختلق المبرر اختلاقا لأنه ببساطة لا يريد الأعتراف انه طائفي ظالم ,و انه و ان كان يردد كلمات عن العدل و المساواة فهو لا يريدها و يريد تطبيقها لانه يشعر بالقوة الزائفة حين يقهر من يراه اضعف


هاقول مع ابن عبد العزيز : حسبي الله و نعم الوكيل , اللهم اني ابرأ اليك مما صنعوا

17.4.06

قنابل غير موقوتة

من حوالي 3 سنوات قام شاب بقتل بواب عمارة في المنيل , و تم القبض عليه

في التحقيق قال انه لم يكن يعرف البواب مطلقا , لكنه كان يريد دخول السجن باي شكل

القصة التي عرفها الجميع وقتها ثم نسوها كما ينسون دائما , ان الشاب كان خريج كلية علوم و ظل فترة طويلة بلا عمل حتى تمكن من العمل في محل كشري و هو عمل مشروع طبعا لكنه ليس ما تاهل له هذا الشاب و ما طمح اليه
بل الواقع انه عمل لا يحتاج ربع ما تعلمه او تم تاهيله له


و حتى بعد ان رضي بالعمل الذي لا يحتاج مؤهلاته , وجده لن يفي مطلقا بمتطلباته
فكان الحل الذي توصل اليه حتى يخف الحمل عن والديه هو ان يقضي باقي حياته في السجن , و الطريق للسجن اسهل الطرق

البواب الغلبان ذهب ضحية لتعليم ردئ ربما لم يرتده مطلقا و لوظيفة بالواسطة بالتاكيد لم يبحث عنها من قبل
لكنه دفع الثمن


كنت اظن ان هذه لحادثة ستنبهنا جميعا ان كل مشكلة في هذا الوطن يمكنها ان تصل الينا حتى لو لم تمسنا بشكل شخصي

لقد تصرف تماما كما يفعل الجميع , يوجه غضبه لمن يشترك معه في القهر بدلا من توجيهه لمن يقهره
كما يخرج الرجل استعلاء رؤسائه و مهانة امين الشرطة في ضربة لزوجته و كما تخرج هي سخط العمل او ذل الزوج بلا سبب في صورة قلمين على وش الواد
كما يخرج الموظف كل قهره في تعذيب مواطن يحتاج اليه , و كما يخرج امين الشرطة نفسه اهانات الضابط في صورة اهانات للمواطن

هكذا نحن , مقهوريون نقهر بعضنا البعض

لفت انتباهي في حديث ام "المختل عقليا" (و انا هنا اتحدث على فرض صحة كلام الحكومة انه هو وحده السوبرمان الذي قام بالعمل كله في 3 مناطق دون مساعدة من احد , وو لا اتحدث عن احتمالات اراها محتملة جدا جدا بخصوص مؤامرة حكومية تتعلق بقرب تمديد قانون الطوارئ)انها قالت انه تخرج و لم يجد عملا الا من فترة قريبة في سوبر ماركت "عمل لا يحتاج مؤهله" و ان خطبته فشلت لانه لم يستطع ماديا استكمال استعدادات الزواج

و لان حكومتنا الذكية جدا تعرف اننا تربينا على "فش غلنا "في بعضنا البعض بدلا من توجيه غضبنا لاتجاهه الصحيح , فقد وجدت ان اسلم الحلول هو زرع كراهية بين الفئات المختلفة و هكذا فالسخط على الاوضاع سيتوجه بعد سنوات من زرع الشك و الكره الى الآخر

بدلا من ان نعرف من الذي ينهبنا و يستعبدنا , تم تدريبنا (من الطرفين) على ان الآخر هو سبب كل مشاكلنا و ليس الحكومة ,

كل طرف يلقي بتهمة مشاكله على الطرف الآخرو من وقت لآخر حين يزيد الضغط , يتم اخراج بعض البخار حتى لا تنفجر القنابل , لكن البخار ابدا لا يتم اخراجه في اتجاه الجكومة بل في اتجاه من يقهر منها معنا

محمود وجه كل غضبه الى من يشترك معه في نفس المطحنة , لانه تم تعبئته عن عمد ان هذا هو من يسبب له المشاكل و بعد قراءة تغطية جار القمر و التعليقات عليها (خاصة التعليق الخاص باهل مصر الاصليين و الغزاة)تاكدت تماما ان المشكلة بالفعل اعمق مما كنت اتصور


اتنين بيتخانقوا على االارض التي يشتركان في ملكيتها , و لا ينتبهان الى ان الارض بتتنهب و هم عنها و عن الحرامي مشغولين بخناقهم

15.4.06

مش عارفة اقول ايه

مصدومة , و مذهولة و حزينة على ما حدث
مش عايزة اعيد كلام اتقال مليون مرة
و ماليش نفس اقول اي حاجة اصلا

10.4.06

مشهدين بلا علاقة حقيقية بينهما

من اجمل ما احبه في العمل يوم الاجازة , اني باوصل الشغل في 20 دقيقة بالظبط , و اكثر ما يضايقني (بالاضافة لاضطراري النزول يوم اجازة) اني بتاكد اني باضيع وقت طويل جدا كل يوم , حين يستغرق نفس الطريق ساعة او اكثر

مشهدين رايتهما اليوم واحد في الطريق و الآخر في الشغل , و رغم عدم وجود اي رابطة بينهما الا انني لسبب لا اعرفه اشعر انهما مرتبطين جدا

المشهد الأول : تحت كوبري السيدة عائشة , سيارة نصف نقل بأرقام محافظة القاهرة و عليها مجموعة كراسي بلاستيك , و ثلاجة مشروبات و ادوات شاي و قهوة , و مجموعة افراد يرفعون اشياء اخرى و يلقونها باهمال فوق السيارة و بينهم ضابط برتبة ملازم اول واضعا يديه في جيبه و ينظر اليهم ببرود , و رجل واقف على جانب الطريق ينظر بحسرة الى السيارة النصف نقل , ثم ينظر الى السيارات المارة في الطريق و يطلق على سائقيها اسوأ الفاظ السباب ربما لشعوره بالقهر , و غالبا لانه لا يستطيع توجيه غضبه الى مصدره الاصلي

في المسافة الباقية حتى وصولي للعمل اخذت افكر فيما سيفعل هذا الرجل؟؟ هل سيشتري ادوات اخرى؟؟ هل سيجد عملا آخر؟؟ ام هل سيلجأ لوسيلة غير مشروعة ؟؟ ماهو اكيد لازم يعيش و ربما كان لديه من يحتاج عليه

و صلت و انشغلت تماما حتى نسيت الرجل
جاءتني امرأة بسيطة تحمل على كتفها رضيعا , و على وجهها ابلغ آيات الفزع و اللهفة
اشفقت عليها جدا , و فحصت الطفل
كان مصابا بجرح في مؤخرة رأسه , لم تكن الاصابة خطيرة , لكن ما زادها سوءا هو انها في جزء مصاب بحروق لم تشف بعد

لا احب الحكم على اي مريض او اقاربه , لكن رغما عني تحولت شفقتي عليها الى غيظ منها
طفل في شهوره الاولى يحدث له حادثي حرق و جرح , و في راسه , اجد نفسي بلا وعي اجرم والديه

بعد ان انتهينا , قلت لها بصورة تبدو مازحة : بس انت شكلك مش واخدة بالك منه , يعني يتحرق و يتعور في راسه في نفس الاسبوع؟؟اجابت انها في المرتين كانت مشغولة و تركته مع والده , فحدثت له الحادثتين

بعد مغادرتها فكرت في معلومة سمعتها ان القانون المصري يعتبر اصابات الاطفال مسئولية الوالدين , و يعتبرها مخالفة (ماعرفش الوضع القانوني ايه بالظبط) و فكرت خاصة انها ليست المرة الاولى التي تاتي الينا حالات مماثلة , اذا كان من المفترض عند تكرار الحوادث الابلاغ عنها؟؟
بس رجعت قلت هانبلغ مين؟؟ الباشا اللي كان حاطط ايده في جيبه و بيتفرج ببرود على الناس الحزينة على مصدر دخلها اللي راح

3.4.06

دور ايواء.......... بمناسبة يوم اليتيم

مما لا اعرف له سببا عن نفسي ,انني اعشق كبار السن , اشعر ان كل ما يمكنني تقديمه لهم (و هو قليل)هو من قبيل الادخار للمستقبل ,حتى لو كان ما قدمته هو كلمة حلوة او طبطبة على الكتف او حتى ابتسامة

قابلت مرة طبيب مسنين geriatrician
تركي يعمل في هولندا , و يرأس جمعية اهلية للمسنين في انقرة , و تحدث الرجل عن قضية المسنين كما يراها و انها تحتاج لتعاون الجميع بلا استثناء كل في تخصصه , ظننت انه يعني جميع الاطباء(لان تخصص طب المسنين محدود جدا في مصر و يقتصر على الجانب الاكاديمي , و حتى هذا الجانب , هو فقط قسم واحد في طب عين شمس) لكنه صحح لي الفكرة قائلا انه يريد تعاونا ليس فقط من الاطباء و الاخصائيين الاجتماعيين و النفسيين , بل و من المهندسين حيث انه يرى ان احدى القضايا الحيوية جدا لكبار السن هي اضطرارهم للحياة وحدهم في شقق صغيرة , او في دور للمسنين , و لو صححنا اسلوب حياتنا فكان تخطيط المدن على اساس بيوت عائلية كبيرة , لا يغادرها الابناء عند زواجهم او استقلالهم , و هكذا لن يصبح المسن عرضة لاكتئاب الوحدة

طبعا هذه الصوة الوردية ليست هي ما يهمني الآن في الحديث عن الكبار لان مشاكلهم هنا اكبر من اكتئاب الوحدة

الصورة التي اراها بصفة مستمرة , في اكبر ميادين القاهرة , شخص بين السبعين و الثمانين , يرقد في الشارع نائما , و بعد استيقاظه يظل مكانه ليبيع سلعة بسيطة (غالبا مناديل) و ربما يتحرك لو كان يستطيع ليطلب المساعدة , رايت احدهم مرة و هو يأخذ 10 جنيهات من شخص فينظر اليها و تدمع عيناه , ثم يرفع يده داعيا لصاحبها

اشعر بغصة رهيبة كلما رأيت انسانا وصل لمرحلة من المفترض ان يستمتع فيها بالهدوء و هو حتى لا يجد احتياجاته الاساسية من جدران تأويه , و ماكل و مشرب "ماقلتش حتى علاج" و يحاول الحصول على ربعها و لو بالاستجداء

معاملتنا لهذا "الكبير" هي كل ادخارنا لشيخوختنا اذا ما كتب لنا الوصول لعمره

سألت بعض العاملين في المجال الاجتماعي عن دور لايواء الكبار ممن لا يجدون مأوى , فكانت الاجابة ان اغلب الجمعيات تعمل في مجال ايواء الاطفال الايتام , حتى ان هناك استجوابا كان قد قدم لوزيرة الشئون السابقة بشأن عدم موافقة الوزارة على الترخيص لبعض دور الايتام , فأجابت ان العدد الموجود منها يزيد على الحاجة الفعلية , عرفت بعدها انه بالفعل دور ايواء الايتام تعمل بأقل من طاقتها و يمكنها استيعاب ضعف العدد (الدور مخصصة لمجهولي النسب اما الايتام مع اسرهم فحظهم اقل) , حتى ان بعضها اصبحت تضع العراقيل امام كفالة اطفال في منازل كافليهم لان الجمعية بها اطفال اقل من المرخص لها
دا كلام جميل اسعدني جدا , و يدل على ان الخير موجود في هذا الشعب , تساءلت مادام الحكاية كدا , لماذا لا توجه هذه الطاقة الزائدة لمجال المسنين من غير القادرين فكانت الاجابة المحبطة جدا جدا
العمل الاجتماعي في مجال المسنين لا يحظى بنصف عدد المتبرعين (سواء بالمال او الوقت ) الذي تحظى به دور الايتام , و بالتالي فان هذه الجمعيات و دور الايواء ممكن الا تغطي احتياجاتها

طبعا صدمتني هذه المعلومة , لماذا من يريد مساعدة الأخرين يساعد الاطفال دون الكبار (لا اقلل من الاهتمام بالاطفال , لكن اتحدث عن فئة مماثلة تحتاج نفس الرعاية و غير قادرة على خدمة نفسها)

نعم نحن لا نهتم مطلقا بالكبار , و انا هنا لا اتحدث عن اكتئاب و رعاية نفسية و اجتماعية او عن تجهيز الشوارع و الارصفة ليتمكنوا من السير فيها او حتى عن الرعاية الصحية , و كلها اشياء ذات اهمية كبيرة , لكنني اتحدث مبدئيا عن احتياجاتهم الاساسية المسكن و المأكل و المشرب

اتحدث عن عدم القائهم في الشوارع كأي شيء انتهت الحاجة اليه

اتحدث عن حقهم علينا جميعا , و الذي ان لم نعطه لهم اليوم لن يكون من حقنا المطالبة به غدا